Please enable JavaScript in your browser preferences and then Reload this page!!!

الصفحة الرئيسية | السيرة الذاتية مراجعات أعمال د. الصويان الأعمال المنشورة | الصحراء العربية: شعرها وثقافتها | أساطير ومرويات شفهية من الجزيرة العربية
 الثقافة التقليدية مقالات صحفية في الأدب الشفهي مقالات صحفية بالعربية محاضرات عامة معرض صور تسجيلات صوتية موسيقى تقليدية
ديواني
| كتب في الموروث الشعبي مخطوطات الشعر النبطي أعمال قيد النشر لقاء تلفزيوني مع محطة العربية مواقع ذات علاقة العنوان

Home | Curriculum Vita | Reviews | Publications | Arabian Desert Poetry | Legends & Oral Narratives  
Traditional Culture
|
Articles on Oral Literature | Articles in SaudiDebate | Public Lectures |  Photo Gallery | Sound Recordings
Traditional Music
| Anthology | Folklore Books | Manuscripts | Work in Progress | TV Interview | Relevent Links | Contact

يالبرالي  يابن الـ · · · ·

سعد الصويان

والا انت عاد، علماني كـحـ· · · · ان· هكذا نحن دائما نضع أنفسنا في الضد الموجب ونضع الأغيار في الضد السالب· أسوأ ما فينا أننا نأخذ من القناعات الفكرية والانتماءات العرقية والقبلية والمكانية والمذاهب الطائفية والسياسية مواضيع للعيرة والطنزه والتنابز بالألقاب· لم يخطر في بالنا يوما أن هذه تمايزات يجب أن تُحترم· إنه حق من حقوق الإنسان أن يفكر فيما يشاء ويعتقد ما يشاء· ما لم نستبعد من أذهاننا هذه المعايير والطِّنَز، هذه الألقاب الجاهزة والمقولات المقولبة عن بعضنا البعض، فلن نتمكن من الوصول إلى حوار جاد ومثمر· لا بد أولا من بناء الثقة اللازمة التي تولد الاحترام المتبادل الذي يساعد على تحكيم العقل وتغليب المصلحة· هل يعقل لوطن شاسع الأرجاء كثير السكان، مثل السعودية، بخلفيات مناطقه المتباينة تاريخيا واجتماعيا، أن يكون أهله كلهم نسخا كربونية أحدهم من الآخر؟ لا يقر بذلك إلا من يؤمن بالحكم الشمولي أعاذنا الله وإياكم من الحكم الشمولي الدكتاتوري· لا بد أن نعرف أولا أنه مهما تباينت توجهاتنا أو اختلفت آراؤنا فنحن في نهاية المطاف كلنا بشر وكلنا مواطنون وكلنا عيال حمايل واولاد ناس، نستحق الاحترام ونعتبر هذا الوطن وطننا، مثلنا مثل غيرنا· من المفترض أن الوطن فيه متسع للجميع وكل من يمنح صفة المواطنة له مثلما لغيره من الحقوق وعليه مثلما عليهم من الواجبات، الكل سواسية· ومما يزرع هيبة الدولة في النفوس ويعمق الولاء لسلطتها أن تحرص على أن تكون فوق كل هذه التمايزات الفرعية والتباينات المحلية على اختلاف توجهاتها ومبرراتها، وأن تكون سلطة عامة فوق كل السلطات، سلطة عليا تحتكم إليها مراكز القوى الفرعية، ولكن دون أن ترمي بثقلها إلى جانب واحدة منها دون الأخرى، أو أن تفسح المجال لقوة دون البقية للسيطرة على المسرح ومقاعد الجمهور  ومكبرات الصوت وماصات الدراسة· من المهم أن لا توجد سلطة موازية لسلطة الدولة التي يفترض فيها أن تكون سلطة موضوعية لها وحدها حق سن القوانين وتطبيقها على الجميع بحيادية تامة· تلكم هي المفاهيم العصرية للوطن والدولة والحكم·

تعالوا ننظر كيف تحولت أوربا من العصور الوسطى إلى العصور الحديثة، فهم الذين استحدثوا فكرة الوطن والمواطن والمواطنة والوطنية في صراع أمرائهم ضد نفوذ الكنيسة ومحاولة كل أمير أن يحرر مقاطعته من سلطة البابوية ليؤسس عليها وطنا مستقلا لشعبه يمارسون فيه حرية التفكير والعبادة والحياة الكريمة· كانوا يريدون عائدات الضرائب والمكوس والهبات أن تذهب لخزينة الحكومة المحلية لتطوير مدن أوربا الناشئة، بدلا من إرسالها للبابا في الفاتيكان· وقد هب التجار والنبلاء والأكاديميون والحرفيون والمحافظون والتقليديون لمساعدة الأمراء المحليين وحدث نوع من التحالف بين هذه القوى هدفه تقوية السلطة المدنية المحلية ضد سلطة الكنيسة· هذا هو المفهوم الأصلي للوطن، بما توحيه الكلمة من خصوصية وتميز عن بقية عالم الكنيسة الكاثوليكية ومملكة الله على الأرض· مفهوم البابوية عندهم وربطه بين السلطة الدينية والدنيوية لا يختلف كثيرا عن مفهوم الخلافة، غير أنهم هم يمتازون عنا بأنهم تخطوا تلك المرحلة من التاريخ بما تعنيه من طريقة في التفكير وفي ممارسة السلطة· سالفة طويلة ولكن المهم أن هدفهم الأول لإنجاح مشروعهم كان تثبيت السلطة بمفهومها المدني القانوني الخالي من شوائب اللاهوت· العصور الوسطى في أوربا ولت وانتهت ولن تعود، وهم يدركون ذلك، بل هم الذين سعوا إلى ذلك بجهدهم وكدهم وذهنهم· هذا لم يأتهم كبرنامج معونات من اليونيسيف ولا مساعدة من اليونسكو، إنه ردة فعل ديناميكية وتطور طبيعي لمعطيات متغيرة، ولتضحيات على مختلف الأصعدة· هذه تماثيل رموز ذلك النضال تراها منصوبة تزين شوارع مدنهم وميادينها تخليدا لذكراهم واعترافا بتضحياتهم· وساعد أوربا أنها دخلت تجربتها التحديثية والمجال أمامها مفتوح للانطلاق على كل الأصعدة واستقصاء آفاق تلك التجربة، حيث  لم تكن هناك قوى عظمى تقف في وجهها وتسد الطريق أمامها· كانت عصور حكم الكنيسة عصور جهل وتخلف، ولا ننس أنه قبل ظهور أوربا الحديثة كان العثمانيون يلعبون بالأوربيين كما يلعب القط بالفأر· ولم تكن نتيجة تحرر هذه الأوطان من سلطة الكنيسة التنكر للدين كمعتقد، حيث ظلت أوربا شديدة التمسك بالديانة المسيحية، لكن مع تسامحها واحترامها لكافة الأديان الأخرى وكل الطوائف، لأن الحرية الشخصية أصبحت قيمة جديدة من أولى وأهم قيم التحضر الأوربي· هؤلاء هم الصليبيون الذين خاضوا حروبهم معنا أمس باسم الدين، الحملات الصليبية كانت حملات جهاد ديني· انظر ما آلوا إليه اليوم·

لا يزال الطاقم القديم من عتاة الأيديولوجيا عندنا والذين لم يتمكنوا بعد من تحديث خطابهم وتجديد أفكارهم يتنابزون بالألقاب كلما أمسك أحدهم بالمايكرفون واعتلى منبرا من منابر المنتديات التي تكثر في عواصمنا العربية، بمناسبة وبدون مناسبة، وبدون  فايده· وأحيانا تراهم على بعض الفضائيات، ياإلهي، ما أكثر ما يحرج هؤلاء المذيع المسكين الذي يريد إسكات المتحدث فلا يستطيع، فما عاد بيده إلا أن يتمتم: لا عادت عليك من سؤال· إذا خرج أحدهم على الهواء يبدأ هادئا ويحاول جاهدا ضبط  أعصابه، لأن زوجته وأولاده سبق وأن قالوا له في أكثر من مناسبة: يابابا إلى طلعت على الهوى لا تهاوش، ما فيه داعي تهاوش· ولكنه خلال ثواني ينسى المسكين نفسه فتنتفخ أوداجه ويبدأ يرغي ويزبد ويتحفز ويتململ ويحرك يديه ورجليه، عندها تتذكر أيام زمان، أيام الابتدائي ومواقفنا الخطابية مع "وقاطرة ترمي الفضا بدخانها"· كيف كنا نهز أيدينا ونصيح بأعلى الصوت كما لو كنا نحث جيوشا لتتقدم للمعركة· هذا شيء عجيب في شخصيتنا، هذه الحدة في إبلاغ الأمر أو طرح الرأي· إننا قوم نستسيغ المبالغة في المدح أو الهجاء، حواراتنا كلها سجالية لا مجال فيها للنقد الموضوعي والنقاش الهادئ· في شعر القلطه/المرادّ لو كانت القلطة ودية مسالمة ولم يسفه أحد الشاعرين الآخر ويمسح به الأرض فإن الجمهور يعتبر اللعب باردا وينفض السامر· ونحن أناس لا توسط بيننا هي اللي خربت بيتنا// لنا الصدر دون العالمين أو القبر، وها نحن لا فرق بيننا وبين من يسكنون المقابر·

·لم أكن أقصد أن أقلبها مناحه، ولكن أحيانا القلم سباق· القصد الله يعيننا على مشاكلنا، ما أكثرها، حمولنا تنوء بها الجمال، ومع ذلك لا نجد قوة الإرادة لاستجماع قوانا والنهوض كما تنهض الجمال وكما نهض العالم من حولنا· لو كنا نقرأ التاريخ بشكل صحيح لاستفدنا الكثير ولتجنبنا الكثير من الأخطاء، تاريخنا وتواريخ الأمم الأخرى ولغاتها ودياناتها وحضاراتها وفكرها وعلمها· أشبّه حالنا بسيارة فضيت بطاريتها فتوقفت، ولكي تعيد تشغيلها أنت بحاجة إلى ما يسميه أصحاب الورش "اشتراك" وهو أن تمد سلكان طرفاهما مشبوكان بأصابع السالب والموجب في بطارية سيارة شغالة وتشبكهما بأصابع بطارية السيارة المتوقفة ثم تدق سلف· نحن بحاجة إلى اشتراك من الدول المتحضرة لنأخذ منها دروسا في البناء وصنع الحضارات وإلا فإنها ستضطر إلى دفنا دف وعفنا عف·

 
 







  

<<Previous   |  All Articles  |  Next>>