الصفحة الرئيسية | السيرة الذاتية مراجعات أعمال د. الصويان الأعمال المنشورة | الصحراء العربية: شعرها وثقافتها | أساطير ومرويات شفهية من الجزيرة العربية
 الثقافة التقليدية مقالات صحفية في الأدب الشفهي مقالات صحفية بالعربية محاضرات عامة معرض صور تسجيلات صوتية موسيقى تقليدية
ديواني
| كتب في الموروث الشعبي مخطوطات الشعر النبطي أعمال قيد النشر لقاء تلفزيوني مع محطة العربية مواقع ذات علاقة العنوان

Home | Curriculum Vita | Reviews | Publications | Arabian Desert Poetry | Legends & Oral Narratives  
Traditional Culture
|
Articles on Oral Literature | Articles in SaudiDebate | Public Lectures |  Photo Gallery | Sound Recordings
Traditional Music
| Anthology | Folklore Books | Manuscripts | Work in Progress | TV Interview | Relevent Links | Contact

 

أدب البدو في كتابات الرحالة والمستشرقين

4) الأقدام الإنجليزية تجوس الرمال العربية

 

هناك مصادر ثانوية لا تتناول أدب البادية بشكل مباشر لكنها تشكل أدوات مهمة من أدوات البحث التي لا غني عنها للباحث المدقق في هذا الأدب. ومن أهم هذه المصادر كتب الرحالة الأجانب ممن جابوا أرجاء الجزيرة العربية وبعض من عملوا في المجال الدبلوماسي والتي تمثل كتاباتهم أهم المصادر الأثنوغرافية التي تساعدنا على تمثل البيئة التقليدية التي نشأ فيها الشعر النبطي. وإضافة إلى أعمال جورج أوغست والين وألاويس موزيل وغيرهم ممن سبقت الإشارة إليها هناك أعمال أخرى على غاية الأهمية. ويعد يوهان لودفيج بوركهارت Johann Ludwig Burckhardt، وهو سويسري الأصل، من أوائل المهتمين بدراسة المجتمعات البدوية. أتقن بوركهارت اللغة العربية وأجادها إجادة تامة وتفقه في علوم الإسلام الشرعية وتعمق فيها واعتنق الإسلام وأدى فريضة الحج وزار المدينة ودون ملاحظاته خلال زيارته للأماكن المقدسة في كتابه Travels in Arabia. وقدم للقارىء الغربي من خلال كتابه هذا أول وصف مفصل وحقيقي للكعبة المشرفة والحرمين المكي والمدني كما وصف المظاهر العمرانية والاجتماعية والسياسية في جدة ومكة والمدينة وينبع. وتوفي في القاهرة بعد عودته من الأماكن المقدسة بفترة وجيزة ودفن في مقابر المسلمين. وقبل زيارته لمصر والحجاز، والتي تزامنت مع بداية حملة محمد علي ضد جزيرة العرب،كان بوركهارت قد أقام لفترة عامين في حلب مما أتاح له فرصة الاحتكاك بقبيلة عنزة وبعض القبائل الرحل التي تقطن الصحراء السورية وشمال الجزيرة العربية وتجول بين هذه القبائل ودرس أحوالهم ودون الكثير من الملاحظات عنهم. ويعد كتابه Notes on the Bedouins and Wahabys من الكتابات المتميزة والغنية بالمعلومات عن المجتمع البدوي وحياة الصحراء ولا يزال من المراجع التي يعتمد عليها في هذا المجال. وقد وصف الدكتور عبدالله العثيمين بوركهارت بأنه من أبرز الرحالة الأوربيين إلى البلاد العربية وأكثرهم دقة وإنصافا. وكتابات بوركهارت السويسري تشبه كتابات والين الفنلندي في موضوعيتها وتعاطفها مع عرب الصحراء وخلوها من التحيز الديني والعنصرية العرقية، بل إن القارىء يجد فيها تذمرا من الأوربيين وطريقة حياتهم وتمجيدا لحياة البادية وشغفا بالصحراء.

وممن ادعوا الإسلام وتظاهروا به وتزيا بزي الدراويش من أجل دخول مكة والمدينة وزيارة الأماكن المقدسة الرحالة الإنجليزي المغامر ريتشارد بيرتون Richard Burton الذي اشتهر بترجمته ألف ليلة وليلة وبتدوينه لرحلته إلى الحجاز عام 1853م في كتابه Personal Narrative of a Pilgrimage to al-Madinah & Meccah الذي يقع في جزئين. وبالإضافة إلى وصف الأماكن المقدسة وما يحف الرحلة إلى هناك من مخاطر ومصاعب يعطي بيرتون معلومات إثنوغرافية جمة عن قبائل الحجاز وحياة البدو في الصحراء، وإن كان منهج بيرتون في الكتابة أقرب إلى طابع الإثارة منه إلى التوثيق الدقيق والملاحظة الموضوعية. ولما توفي في سنة 1890م بنت له زوجته ضريحا كبيرا على هيئة بيت من بيوت الشعر البدوية.

ولم تمض عشر سنوات على رحلة بيرتون حتى شد الرحال في أثره رحالة إنجليزي اخر لا يقل عنه إثارة للجدل هو ويليام بالغريف William Gifford Palgrave الذي بدأ رحلته عام 1862م. سافر بالغريف مدعيا الطب تحت إسم مستعار هو سليم أبو محمود العيص يرافقه مدرس إغريقي مقيم في زحلة في لبنان ويجيد العربية انتحل اسم بركات بدلا من إسمه الإغريقي. ومن معان سافر الإثنان إلى الجوف ثم إلى حايل. وهناك تقابل بالغريف مع الأمير طلال بن رشيد الذي قال عنه "من بين جميع الحكام والأمراء الذين سنحت لي فرصة التشرف بالتعرف عليهم، سواء في أوربا أو في آسيا، لم أجد إلا القليل من بينهم من يداني طلال في حذقه لفن الحكم." وفي الرياض قابل الإمام فيصل وابنه عبدالله بن فيصل الذي قال عنه إنه قريب الشبه بهنري الثامن في طلعته وفي شجاعته واعتزازه بنفسه ومهارته السياسية. ومن نجد ذهب بالغريف إلى البحرين وقطر وعمان. ويدعي أن السفينة التي استقلها من هناك تحطمت في عرض البحر وفقد كل مذكراته. وفي عام 1865م نشر كتابه Narrative of a Year's Journey Through Central and Eastern Arabia ويختلف بالغريف عن الرحالة الآخرين في تفضيله للحضر على البدو وكرهه الشديد لأهل البادية. ويحتوي عمله على أخطاء كثيرة وتناقضات حملت بعض الرحالة المتأخرين مثل فيلبي إلى الشك في أنه فعلا قام برحلة إلى نجد. ومع ذلك يحتوي كتابه على معلومات دقيقة عن المنطقة وأهلها وتفاصيل ذات خصوصية شديدة لا يمكن أن يعرفها إلا من أمضى بعض الوقت هناك.

ومن الأعمال الكلاسيكية الخالدة التي لا نظير لها بين كتب الرحلات كتاب تشارلز داوتي Charles Montagu Doughty وعنوانه رحلات في صحراء العرب Travels in Arabia Deserta. في عام 1876م اصطحب داوتي قافلة الحج المنطلقة من دمشق وعند مدائن صالح علم قائد الحملة أن داوتي مسيحيا فأرغمه على عدم مرافقة القافلة والبقاء في مدائن صالح. وأمضى داوتي ما يقرب من واحد وعشرين شهرا يتجول بين قبيلة الفقرة من عنزة وبين مناطق الحرة وخيبر وتيماء وحائل وعنيزة وبريدة واتصل بالأمير محمد بن رشيد وزامل بن سليم وحسن بن مهنا وتصادف وجوده في حائل مع عودة راكان بن حثلين من حبس الأتراك. عايش داوتي البدو وعاشرهم في حلهم وترحالهم، في الشدة والرخاء، وفي السلم والحرب وشاهد بعينه عمليات الغزو وتعرض هو نفسه للسلب. ويصف داوتي كل مشاهداته وانطباعاته وصفا دقيقا شيقا، لا تفوته شاردة ولا واردة. ولاقى داوتي عنتا شديدا في رحلته لأنه كان يصر على المجاهرة بدينه المسيحي دون احترام لمشاعر الناس البسطاء وكان شديد التعصب ضد الإسلام. وعلى الرغم من طوله المفرط وصعوبة لغته وغرابة أسلوبه، وعلى الرغم من رؤيته المتحيزة أحيانا يبقى كتاب داوتي عملا عملاقا ومثيرا تتجدد قيمته مع مرور الوقت نظرا لما يحتويه من معلومات تفصيلية عن حياة البادية والحاضرة في شمال نجد.

في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي توافد على حائل وشمال نجد عدد من الرحالة والمستكشفين منهم، بالإضافة إلى داوتي، كارلو جوارماني Carlo Guarmani الإيطالي ويوليوس يوتنج Julius Euting الألماني وتشارلز هيوبر Charles Huber الفرنسي والليدي آن بلنت Lady Anne Blunt التي جاءت من انجلترا بصحبة زوجها ولفريد سكاوين بلنت Wilfrid Scawen Blunt. ولا تخفي الليدي بلنت في كتابها Pilgrimage to Nejd عشقها وزوجها لحياة الصحراء وتعاطفها الشديد مع البدو وتعطي معلومات شيقة عن بلاط محمد بن رشيد وخيله وقصوره ونسائه. ونظرا لكونها امرأة، أتيحت لليدي بلنت فرصة لم تتح لغيرها من المستكشفين فولجت إلى داخل قصور الرشيد وخالطت نساءهم واطلعت على خصوصيات حياتهم العائلية وكتبت عن ذلك بشكل مفصل. وتقول إنها رأت في بلاط ابن رشيد ولأول مرة جهاز التلفون الذي كان آنذاك اختراعا حديثا لم تكن قد رأته قبل وصولها إلى حائل. أما هيوبر فإن من أطرف ما يورده في مذكراته ذكره للدعوة التي أقامها في المنزل الذي يقيم فيه على شرف حسن بن مهنا وراكان بن حثلين حيث قدم لهما أنواعا من المشروبات والحلويات اللذيذة التي لم يألفاها ولم يسبق لهما تذوقها.

ولا نريد أن نبخس هؤلاء الرحالة والمستكشفين حقهم ولا أن نقلل من شأن أعمالهم إلا أن المتتبع لكتاباتهم يلاحظ أنها تتراوح بين الرومانسية المفرطة والتحيز الشديد وتغلب عليها روح المغامرة والإثارة وأنها أقرب إلى الأسلوب الروائي الأدبي منها إلى الأسلوب العلمي التوثيقي. غالبا ما يحتل الكاتب المغامر في هذه الأعمال المركز البطولي الذي تتسلط عليه الأضواء وتتمحور حوله الأحداث وتطغى على عمله السمة الانطباعية والصبغة الذاتية فيحكم على الأمور من منطلق قناعاته الشخصية وخلفيته الاجتماعية والثقافية ويقيم الناس والأحداث وكل الأشياء كمجرد وسائل وأدوات تعينه أو تقف دونه ودون الوصول إلى أهدافه وتحقيق طموحاته. ويصل هذا المنهج ذروته عند لورنس T. E. Lawrence في كتابه أعمدة الحكمة السبعة Seven Pillars of Wisdom. ومن بين هذا النوع من الكتب يحتل كتاب الرمال العربية Arabian Sands الذي كتبه ويلفريد ثيسيجر Wilfred Thesiger، مسجلا فيه رحلته المثيرة عبر الربع الخالي على الإبل، مكانا متميزا نظرا لما يحسه القارىء من صدق الكاتب في تواضعه مع البدو وفي تعاطفه مع طرق معاشهم وفي تقديره لهم وتعبيره عن إعجابه بنسيجهم الأخلاقي وقدرتهم على الصبر والتحمل. وكان الربع الخالي بالنسبة للرحالة الغربيين يشكل آخر المعالم المجهولة في الجزيرة العربية. ومن الذين شاركو ويلفريد ثيسيجر المجد في عبور هذه المفازة الموحشة برترام توماس Bertram Thomas وجون فيلبي St. John Philby، وهؤلاء يمثلون الجيل الأخير من الرحالة الكلاسيكين الذين استكشفوا الجزيرة على ظهور الإبل وبهم طويت آخر صفحة من صفحات المغامرة والاستكشاف في جزيرة العرب.

وخلال فترة خدمته في الجيش البريطاني في العراق رالأردن اتصل الضابط البريطاني جلوب باشا John Baggot Glubb بأبناء البادية وتعرف على حياتهم وكتب عنهم عددا من الكتب والمقالات. ويقدم جلوب باشا في كتاباته معلومات قيمة عن حركة الإخوان وزعمائهم وطرقهم في الغزو والغارات التي كانوا يشنونها على مناطق الحدود العراقية. ومن الكتب المهمة عن حركة الإخوان وعن حياة البدو عموما كتاب The Arab of the Desert الذي كتبه ديكسون H. R. P. Dickson والذي أمضى سنين طويلة في العراق والبحرين والكويت.

 

<< الصفحة السابقة  |  مقالات صحفية في الأدب الشعبي  |  أعمال قيد النشر  |  الصفحة التالية >>