Please enable JavaScript in your browser preferences and then Reload this page!!!

الصفحة الرئيسية | السيرة الذاتية مراجعات أعمال د. الصويان الأعمال المنشورة | الصحراء العربية: شعرها وثقافتها | أساطير ومرويات شفهية من الجزيرة العربية
 الثقافة التقليدية مقالات صحفية في الأدب الشفهي مقالات صحفية بالعربية محاضرات عامة معرض صور تسجيلات صوتية موسيقى تقليدية
ديواني
| كتب في الموروث الشعبي مخطوطات الشعر النبطي أعمال قيد النشر لقاء تلفزيوني مع محطة العربية مواقع ذات علاقة العنوان

Home | Curriculum Vita | Reviews | Publications | Arabian Desert Poetry | Legends & Oral Narratives  
Traditional Culture
|
Articles on Oral Literature | Articles in SaudiDebate | Public Lectures |  Photo Gallery | Sound Recordings
Traditional Music
| Anthology | Folklore Books | Manuscripts | Work in Progress | TV Interview | Relevent Links | Contact

الرياض: هذه المباني، فأين المدينة؟

سعد الصويان

الرياض: اسم جميل وماض مجيد ومكان يتضوّع منه عبق التاريخ ويفوح منه عرق التأسيس· حينما يضمك مجلس أنس مع أهل الرياض العتيقين فينطلقون على سجيتهم وتستمع لهم يروون الحكايات ويتحدثون بلهجتهم العارضية القحّة أو تشاهدهم يؤدون رقصة العرضة تغمرك النشوة وتحس أنك تعيش مشهدا يعود بك إلى البدايات ويحيلك إلى الأبجديات وكتب الهجاء وألواح الكتابة المطلية بالطين· حتى أسماء البوابات القديمة والحارات والمواقع لها أصداء وترجيعات تعود بك إلى عصر الملاحم وزمن البطولات: مقرن، معكال، العود، منفوحة، دخنة·

المكان قديم والأسماء تتبدل بتبدل الأمم والشعوب التي توالت عليه وعمّرته وسكنته· إلا أن سنة 1240هـ سنة فاصلة حيث تم فيها تدشين المكان ليصبح مدينة اسمها الرياض أعلن الإمام تركي بن عبدالله من داخل أسوارها قيام الدولة السعودية الثانية واتخذها قاعدة للدولة بدلا من الدرعية· تلك هي الأسوار التي تسلقها لاحقا الإمام عبدالعزيز ليعلن ميلاد الدولة السعودية الثالثة سنة 1319هـ· ومنذ ذلك التاريخ كان عبدالعزيز منشغلا بحروب التوحيد التي انتهت بضم كل أجزاء البلاد تحت مسمى المملكة العربية السعودية سنة 1351هـ· عندها تفرغ الملك للبناء والتعمير·

إنه ليأخذك العجب حينما ترى التقدم العمراني الزاهر الذي حققته الرياض إذا ما عدت بذاكرتك قليلا إلى الوراء، وبالتحديد إلى عام 0631 حينما كانت بيوت الرياض ومبانيها كلها مبنية من الطين· أما أمانة مدينة الرياض فلم يتم إنشاؤها حتى عام 1373هـ، وبعدها بسنة تم تأسيس شركة مساهمة تتولى مشروع إنشاء محطة الكهرباء· وعقد السبيعانات من القرن الرابع عشر هجري يعد الانطلاقة الحقيقية لمدينة الرياض الحديثة· ففي هذا العقد ابتدأ التعليم النظامي وتم افتتاح المدارس الابتدائية والثانوية والمكتبات العمومية وأنشئت أولى المطابع والصحف· هذا يعني أن عمر الرياض الحديثة لا يتجاوز خمسين سنة· خمسون سنة عمر إنسان وليس عمر مدينة يسكنها ملايين الناس وتمتد مساحتها لآلاف الكيلومترات· لكن ما تحقق من إنجاز عمراني خلال هذه العقود الخمس شيء مذهل، إنه يفوق الإنجاز، إنه إعجاز·

لكن المثل الشعبي يقول: الزين ما يكمل· أي مدينة مهما بدت جميلة لا يخلو وجهها من البثور· ما ينقص الرياض هو الثقافة والحضارة بالمفهوم المعنوي لا المادي والعمراني· الرياض مكان جميل، وتاريخ عريق، وشعب أصيل وكريم· أما العمق الحضاري والثقافة المدينية الحقة فهذا هو ما الرياض في أمس الحاجة إليه· المدن بالمفهوم المتعارف عليه ليست مجرد منشأت وطرق وكباري ومصانع وبضائع وأسواق وحركة تجارية، بل هي أيضا علاقات اجتماعية ونشاطات إنسانية ونتاجات فكرية ومعالم تاريخية ومتاحف ومنتزهات وحدائق عامة ومقاهي وعروض فنية ومسرحية وحفلات موسيقية وأوبرا وأركسترا وفضاءات أخرى للفرجة والمتعة والفرح والبهجة· بدون هذه المتنفسات والفضاءات تصبح حياة المدينة ضاغطة ومرهقة ومشحونة بالتوتر والإجهاد الذي لا يطاق· لماذا تصر مدينة الرياض أن تكون هي العاصمة الوحيدة من بين عواصم الدنيا التي نظرا لانعدام الخيارات الأخرى يمضي الناس فيها حوالي 07% من وقت النزهة يتجولون في الأسواق التجارية التي استشرت في جسد المدينة· وحتى في هذه الحالة لا يستطيع أفراد العائلة الواحدة أن يذهبوا للفسحة مجتمعين، بل يتحتم على الأم والبنات أن يسلكوا طريقا غير طريق الأب والأولاد؟

القضية هنا ليست قضية تمويل لأن هذه الأشياء لا تكلف كثيرا ويمكن لعوائدها أن تغطي تكاليفها· وهي ليست قضية مسؤولين لأن المسؤولين في الغالب ينفّذون إرادة الناس ورغباتهم· جذور القضية مغروسة في تربة الثقافة المحلية والعادات والتقاليد والقيم الاجتماعية، مما يجعل من الصعب اجتثاثها والتخلص منها· نحن في الرياض قرويون حُكم علينا العيش في مدينة· نعيش هنا ونحن لا زلنا مثقلين بذهنياتنا وقيمنا الريفية من إرث الحمولة إلى سمعة العائلة، إلى التوجس من الآخر وعدم الثقة في الغريب، إلى مفاهيم "العيب والستر والعوره"، و"يالله سترك وسْتارٍ من خلقك" و"ابعِد عن الداب وشْجِرْتَه"· نحن بطبيعتنا منغلقون كتومون، عباراتنا المفظّلة "أُصّ، واخزياه، استح على روحك، لا تْفَشّلنا قدّام الناس"· إننا دائما قلقون حائرون بين العيوب والنقائص التي نجاهد في سبيل إخفائها حتى لا يطّلع عليها الآخرون ويعيّرونا بها وبين ما ننعم به من امتيازات ومزايا نخشى أن يحسدونا عليها و"ينظلوننا"· ولذا نتحاشى التجمعات والأماكن العامة والاختلاط بالآخرين والتحدث معهم، وفي علاقاتنا مع الآخر غالبا ما يكون التوتر هو سيّد الموقف وصدر الواحد منا "ما تِفَرّك به الذرّه"،· أنا لا أطالب بإزالة الأسوار العالية التي تحصن بيوتنا بحيث يمكنك رؤية حديقة المنزل ومن بداخله وأنت في الشارع، كما هو الحال في بلاد الله الأخرى، ولكن قدرا من الانفتاح على بعضنا البعض لن يضيرنا· من يدريك! قد نجد أننا نرتاح لبعضنا البعض ونحب بعضنا البعض، فالمثل يقول: الناس خشب لين يتعارفون·

* يقول بدر بن عبدالمحسن

شققيني يارياح العارضيه

لين اغنّي للهوى

والهوى ما هو خطيّه

ألف غصن من اليباس

فز لاجلك وانثنى

آه ما ارق الرياض

تالي الليل

أنا لو أبي

خذْتها بْيَدْها ومشينا

 
 







  

<<Previous   |  All Articles  |  Next>>